أثار مسلسل ''يوسف الصديق'' الذي يعرض على القنوات الفضائية ''الكوثر''، ''المنار''، ''الحرية''، جدلا واسعا في الأوساط الدينية رغم أنه يحقق نسب مشاهدة عالية أرجعها مخرجه الإيراني '' فرج االله سلحشور'' إلى نجاحه في تجسيد أنبياء الله يوسف ويعقوب والملك جبرائيل، الأمر الذي انتقدته المرجعيات الدينية الشيعية وحتى السنية وطالبت بتوقيفه.
في سابقة هي الأولى من نوعها في الدراما الإسلامية التي تصور المسار التاريخي لحياة الأولياء والأنبياء، أثار المسلسل الإيراني الذي تعرضه القنوات الفضائية ''الكوثر''و ''المنار''و ''الحرية''، منذ أشهر، عن قصة سيدنا يوسف عليه السلام، جدلا واسعا في الأوساط الدينية، بسبب تشخيصه لكل من جبرائيل ونبيي الله يوسف ويعقوب عليهما السلام. والواقع أنها ليست القضية الوحيدة التي تثار في هذا الإطار حاليا، إذ سبق وأن تعرض المسلسل السوري ''صدق وعده'' للحملة نفسها من قبل المرجعيات الدينية الشيعية في إيران وبعض الدول العربية، بسبب تشخيصه لحفيدي الرسول ''صلى الله عليه وسلم''، بل إن بعض القنوات الفضائية منعت عرضه.
ومن المتعارف عليه وما اتفق عليه جمع علماء الدين الإسلامي، أن الملائكة والأنبياء يحرم تجسيدهم أو يوضع عليهم حجاب غالبا ما يكون نورانيا، لإضفاء هالة من الصفاء والطهر عليهم، الأمر الذي لا يعترف به مخرج مسلسل ''يوسف الصديق'' سلحشور، الذي أراد أن يحذو حذو هوليوود التي سبق وأن جسّدت أغلب الأنبياء من إبراهيم إلى عيسى، مبررا ذلك أن الدفاع عن الإسلام ورموزه من أنبياء، يجب أن يكون عبر تجسيدهم مثلما فعلت هوليوود، لكن أن نقدمهم بصفة المطهرين والمنزهين على عكس ما تقوم به السينما الأمريكية.
وردا على الانتقاد الذي وجه للمسلسل في هذا الجانب والنداءات التي ارتفعت في إيران والعالم الإسلامي، من أجل توقيف عرضه، قال مخرجه سلحشور إنه ''في الثقافة الشيعية لا نواجه مشكلة في عرض صور المعصومين''. في المقابل تعجب لنداءات بعض الدول الإسلامية والتي تتبع المذاهب الأخرى منها السنية، قائلا ''أما في بقية الطوائف الإسلامية الأخرى، فهناك الكثير أساسا لا يعترفون بالعصمة أو عصمة الأنبياء، وأنه من دواعي العجب بالنسبة لي أن بعض الفرق لا تقبل بالعصمة، لكنها تهتم بهذا الشكل الكبير لعرض وجه نبي أو رسول؟!''.
ليضيف ''أعتقد أن نجاح المسلسل في العالم الإسلامي كان بسبب تشخيص النبي يوسف''. ودافع المخرج الإيراني عن وجهة نظره السينمائية البحتة، ضاربا المثل بما تعرفه هوليوود من تشخيص الأنبياء وتشكيك حتى في قداستهم وعصمتهم، متسائلا ''ما سبب أن نحرم من تشخيص هؤلاء الأنبياء كما نريد نحن، بينما يأتي غيرنا ويشخصهم كما يريد وبصور لا نقبلها نحن كمسلمين''، حيث أكد في هذا الصدد أنه ''سوف نكون محرومين من ترجمة قصص القرآن على أرض الواقع وإيصال هذه الرسالة إلى الناس''، مضيفا ''أنه إذا لم نتمكن من عرض هذه الوجوه لن نستطيع أن نحول دون عرض أعداء الإسلام الذين يعرضون هذه الصور وحتى يعرضون وجوه أنبيائنا بالشكل الذي يريدونه هم حتى بوجوه وأشكال بشعة وغير معصومة''.
ومن بعض المقالات التي كتبت في هذا المسلسل مقال بعنوان "مسلسل يوسف الصديق يسحب البساط من تحت أقدام الدراما التركية" للصحفية العراقية آمنة عبد العزيز :
مسلسل يوسف الصديق ومن خلال عرضه على قناة الكوثر استطاع ان يستحوذ على اهتمام ومتابعة المشاهد، فشخصية (يوزرسيف) او يوسف النبي راهن عليها المخرج الايراني ( فرج الله سلحشور) حينما اسند بالدورللشاب (مصطفى زماني)الذي بدوره برهن على قدرته العالية في تجسيد شخص يوسف الصديق
آراء مختلفة وتقييمات فنية وادائية بشأن هذا المسلسل من خلال هذا الاستطلاع: الفنان الدكتور ميمون الخالدي تحدث قائلا:
المسلسل ( يوسف الصديق) توفرت له عوامل النجاح في كل حيثياتها وهذه قضية مهمة لانتاج وتكنيكات فنية عالية، من اكسسوارات وازياء وبناء مدينة متكاملة اشبه بتلك المدينة القديمة لطيبة في مصر وهذا ما أؤكد عليه عندما يتوافر انتاج ضخم يحقق اشياء كبيرة ونجاحاً فنياً مميزاً الذي لم تستطع الدراما العربية والعراقية التاريخية ان تحققه وأخفقت به، والحقيقة التي لابد من قولها: عندما شاهدت مسلسل يوسف فلابد ان نخجل كمؤسسات ومنتجين ودولة قادرة على التمويل للارتقاء بالفن كما حصل مع هذا المسلسل الضخم الناجح ولكن؟ تبقى معلقة بحبائل التمني..
تحدثت الفنانة زهرة بدن وابدت رأيها في المسلسل فقالت: هناك اسس ثابتة لانجاح اي عمل بغض النظر عن نوعيته و صنفه، سواء كان تاريخيا او حديثا او مسلسلا من مئة حلقة او ساعة تلفازية، هناك ارتكازات نجاح بائنة لهذا المسلسل اولها ضخامة العمل ورصد الاموال من خلال اللبس والاكسسوارات وبناء مدينة مشابهة لمدينة طيبة في ذلك الزمان، هذا جعل من مقاييس النجاح متوافرة، ولو اجرينا مقارنة بين هذا العمل وبين اعمالنا لخجلنا حقا كون الاشتراطات في كثير من الانتاجات الفنية لدينا مكبلة في التقنين وعدم وجود التمويل المالي العالي للانتاج كي تكون اعمالاً درامية تستحق ان يقال عنها ناجحة .
اقول: ان اغلب المسلسلات المدبلجة وليس حصرا مسلسل يوسف الصديق رصدت لها الاموال اللازمة والخبرات الفنية العالية فكانت تستحق المشاهدة والمتابعة كما يحصل مع هذا المسلسل..
وتحدث الفنان قاسم السومري قائلا:
اعتقد ان الارث التاريخي عند المتلقي احد اهم اسباب نجاح مسلسل يوسف الصديق فضلا عن النص القرآني الذي ترجم الصورة الكاملة في المسلسل، وهناك عامل آخر لنجاحه هو ان الدراما الايرانية متقدمة وتم توظيفها بشكل جيد لانجاح العمل، ومن الصعب اجراء مقارنة بين الدراما لدينا وبين هذا العمل وما زلنا نتطلع لاعمال عراقية مقاربة لهذا العمل وهذا يحتاج الى بنية مستقبلية طويلة الأمد.
اما آراء المواطنين فكانت منحازة بشكل كامل لضخامة العمل وطريقة البناء الدرامي للمسلسل فتحدثت الصيدلانية زهاء علي قائلة: الاستمتاع احد اهم عوامل النجاح لاي عمل تلفازي فانا كنت حريصة ان اتابع المسلسل ولا افوت حلقة منه واشد اعجابي بشخصية (أسينات) زوجة يوسف فهي اعطت صورة المرأة الحكيمة الواعية والجميلة وبين صفاتها كان الاشتغال على وجود المرأة في حياة الانبياء كعنصر اكتمال روحاني للرسالات السماوية، والحقيقة كنا نجهل هذه الشخصية ولم نتعرف عليها من خلال النص القرآني فقط عرفنا (زليخة) وهي المرأة التي عشقت النبي يوسف حد الجنون..
اما الآنسة فاتن زهير 25 عاما فقالت:
بعد مشاهدة هذا المسلسل عزمت على مقاطعة المسلسلات المدبلجة التركية كون هذا العمل احدث عندي رغبة في مشاهدة الارقى والاجمل من الاعمال الدرامية والتاريخية على وجه الخصوص، انا مبهورة حقا بالممثل مصطفى زماني الذي جسد شخص يوسف الصديق فقد اجاد الدور اجادة تامة وقد سحب البساط من تحت اقدام المسلسلات التركية والحديثة عن مهند.
وفي مطاعم (الكريعات) المطلة على نهر دجلة ساد الصمت ما ان عرض المسلسل في وقته وذهبت الانظار الى الشاشة الكبيرة (البلازمة) في مطعم البنفسج..
مصطفى الخزاعي قال: نحرص على متابعة المسلسل الذي يستحوذ على اهتمام عائلتي في البيت وانا ايضا اتابع المسلسل برغم انشغالي في ادارة المطعم. هذا العمل يحمل مضامين كثيرة وانسانية ويعمل من الدروس ما لا يمكن حصرها واستطاع مخرج المسلسل ان يجعلنا نعيش ضمن اجواء تلك الصورة والقصة القرآنية وكأننا عشنا ذلك الزمان.
عائلة السيد رعد محمد المتواجدة في المطعم قالوا: عندما عزمنا ان نقضي وقتاً طيبا خارج البيت كان الجدال حول تعارض وقت العشاء ووقت عرض المسلسل، ولكن وجود تلفاز حل الاشكالية، المسلسل يستحق المتابعة بداية من شخوص الممثلين واجادتهم لادوارهم وانتهاء بالبناء الضخم لمدينة (طيبة) القديمة في مصر.
رند رعد قالت: اكثر ما يجذبني في المسلسل تلك الدراما الممتعة وذلك العشق والصراع الذي عانت منه زليخة حتى امست امرأة خاوية الا من عشق يوسف، العشق هنا اعمق من صورته السطحية التي تناولتها المسلسلات المدبلجة الاخرى اذا قارنا بينها.
ويرى الطالب معن غالب في اكاديمية الفنون الجميلة: ان التمثيل والديكور والاكسسوارات والتفاصيل الانتاجية كلها تدل على ان المسلسل اكتسب عوامل النجاح التكاملي وهذا يحسب للدراما الايرانية التي بدأت تخطو نحو مسارات رصينة.
ولرأي الاستاذ الدكتور عباس خضير استاذ علم النفس في جامعة بغداد بعد آخر في نجاح هذا المسلسل فقال:
يتضح من خلال متابعتي لمسلسل يوسف الصديق ان هناك عوامل اجتمعت من اجل انجاح هذا العمل من انتاج ضخم اعد له بشكل كبير وكومبارس باعداد اكبر وممثلين رئيسيين هم ابطال حقا في تجسيد ادوارهم كل هذا جعل المسلسل يحظى باهتمام الصغار والكبار ويستحوذ على ذائقتهم وهناك سبب آخر وهو الفراغ الفني الكبير على الساحة الفنية والمشاهد يبحث عن الجيد في كم الرديء مما يعرض من اعمال، والعمل الفني بهذه الجودة من التقنيات تكون متابعته ألذ بما يحمل من فكر ومتعة حقيقية بعيدا عن الاسفاف، وهناك تأثير آخر في جذب المشاهد ومتابعته وهو الواقع الديني للمسلسل واستطاع المخرج ان يعمل بشكل جيد على البنية القرآنية وما بين ربط التاريخ بالحاضر بلغة فنية محسوبة ومتقنة وكيفية انتصار الخير على الشر والحكمة على الرياء والعدالة على القهر والعبودية الحب على الضغينة والخداع الى آخر التضادات في الحياة..
يذكر أن مسلسل يوسف الصديق أنتج سنة 2008 من قبل ''سيمافليم'' الإيرانية، وقد قام بأداء دور يوسف الصديق وهو في الصغر حسين جعفري، كما قام بأداء دور يوسف عليه السلام في الكبر الفنان مصطفى زماني.
النهااااااااااااية